هل الوحم حقيقة؟
وحم النساء وهم أم حقيقة : يتساءل الكثير هل الوحم حقيقة أم خيال وفي الواقع للوحم حقيقة علمية وأيضاً خرافات وأختلطت الخرافات بالعلم وأصبحت تلك الأوهام هي التي يُفسّر بها الأمر ! ... سوف نسلط الضوء على أهم الشائعات في أعراض الوحام ولكن في البداية دعونا نلقي الضوء على أسباب أعراض الوحم علمياً - أي رأي الطب حول الوحم.
أسباب اعراض الوحم
الوحام حقيقة علمية تفرضها عوامل نفسية وعضوية على المرأة الحامل : قد تواجه المرأة الحامل في الفترة الأولى من الحمل موجة من التغيرات النفسية والعصبية التي تصحب التغيرات الجسمانية كـ رد فعل طبيعي للتغيرات في المنظومة الهرمونية في جسم المرأة عند حدوث الحمل - ويختلف مستوى هذه التبدلات النفسية والعصبية والجسمانية وطول فترتها من مرأة إلى أخرى .. ويطلق عادة على هذه المجموعة من التبدلات والتغيرات النفسية والجسمانية أعراض الوحم cravings signs أو الوحام .. وفيما يلي عرض لأهم هذه الأعراض :
- الشعور بالغثيان والميل إلى التقيؤ
- التعب والشعور بالاجهاد والرغبة في النوم
- صداع وقلق مع قلة الصبر.
- تغير حاسة التذوق فتكره مأكولات كانت تستسيغها وتحب مأكولات أخرى لم تكن لتحبها قبل الحمل !! بل وقد تشتهي أكلات أو مشروبات محددة دون سواها - مثل اشتهاء المرأة الحامل لفاكهة معينة فقط دون غيرها وأخرى تشتهي فجأة " الجمبري " وهناك ما هو أغرب ونادر - فبعض الحوامل قد تأكل الثلج أو الفحم أو الطين وأخريات تتمنى فاكهة الشتاء في الصيف أو العكس وأخرى تطلب تناول تفاصيل محددة في المأكولات كـ عظم السبيط !!
- تغير في حاسة الشم فتشعر المرأة الحامل أنها لا تحتمل رائحة بعض الأطعمة وهي تُطهى مثل الدجاج أو اللحم .. أو رائحة العطور.
- أحياناُ قد يطرأ تغير على حاستي السمع والنظر.
الأسباب العضوية للوحم حتى الآن غير معروفة على نحو كامل فهي مجموعة من العوامل تعزى في نهاية الأمر إلى التغيرات الهرمونية واختلاف سكر الدّم عند حدوث الحمل - وأحد أهم هذه التغيرات هو إفراز هرمون الحمل hcg الذي ينتجه الجسم بكميات متضاعفة بعد تعشيش البويضة في جدار الرحم - وهرمون الأستروجين الذي يسجل زيادة في بدايات الحمل ترهف حاسة الشم وتجعلها كثيرة التأثر بما تشمه لذلك تزداد حاسة الشم بقوة لدى النساء الحوامل اللائي لديهن معدلات أعلى من هرمون الأستروجين في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل .. أيضاً هرمون البروجسترون progesterone والذي من شأنه مع هرمون الأستروجين زيادة قدرة الجسم على كشف الكمية القليلة من السموم الموجودة في الدم - بالتالي وعندما تكتشف هذه المنطقة في الدماغ وجود نسبة قليلة من السموم الموجودة في الدم تتحرك أحاسيس الغثيان والقيء على الفور !!
إن التغيرات في هرمونات الأستروجين والبروجسترون والهرمونات الأخرى عند حدوث الحمل - يمكن النظر إليها على أنها ردود أفعال عصبية هرمونية يقوم بها جسم المرأة الحامل كسلاح ردع أو نظام دفاعي .. والباحث "مارجي بروفت" من جامعة كاليفورينا - باركلي - كان أول من لفت نظر الباحثين والوسط الطبي إلى هذا الموضوع في عام 1955م - فـقد رأى أن الوحم رحمةٍ إلهية - فهو آليّة هدفها حماية الجنين الذي ينشأ داخل جسم الإنسان بشكل معجز وأنه يحمي الجنين من السموم الطبيعية في الأغذية .. وحسب الإثباتات والاكتشافات فإن التي تتجنب بدافع الوحم تناولَ بعض الأغذية في فترات حساسة خلال الحمل تتمتع بحظّ عال لإنجاب مولود سليم.
ومن جانب آخر - تزداد حساسية الجنين ضد المواد الكيميائية خلال الأشهر الثلاثة الأولى للحمل نظرا لتكون الأعضاء فيه - وفي هذه الفترة يكون الضغط على نظام المناعة للأم كي لا يَرفُض الجنين - وذلك عبر إحداث تغيير حيوي وإعجازي حيث يلتصق الجنين بجدران الرحم التصاقا شبيهًا بانتشار جذور الشجرة في التربة .. وعلى الرغم من أن هذا الضغط على الجهاز المناعي للأم قي صالح الطفل - إلا أنه قد يكون سلبيا للأم التي تصبح في هذه الحالة عُرضة للجراثيم المسببة للأمراض ولذلك يتحوّل جهاز الالتقاط في دماغ الأم إلى وضع حساس جداً كي لا تقبل الأم الحامل الأغذية الفاسدة والمحتوية على البكتيريا في الفترة التي يقع فيها الضغط على نظام المناعة.
وأثبت الباحث باول شارمان بجامعة كورنال - هو وزملاؤه عام 2000م بـ أدلة مقنعة أن للوحم دوراً هاماً لدى 80 % من النّساء الحوامل ... بحسب رأي شارمان وفريقه أن الحكمة من وراء الحساسية المفرطة للجسم البيولوجي نحو أغذية معينة هو حماية الأم وجنينها معًا من السموم الطبيعية المحتمل وجودها في الأغذية - وكذلك من الموتاجينات (المواد المضرة التي تتسبب في طفرات وراثية) - وأن الشعور بالغثيان والتقيؤ ( أو الوحم ) في بدايات الحمل يمنع الأم من تناول الخُضر والأغذية المحتمل احتواؤها على مخاطر السموم ! .. وهكذا يظل الطفل البريء في ظلّ الرحمة والعناية الإلهية عند نموه - وهو بالظبط نفس ما يحدث بتوجيه إلهي لكثير من الحيوانات المحرومة من العقل والعلم عندما تبحث عن أغذية معينة.
وخلاصة القول - التغيرات الهرمونية إجمالاً قد ينتج عنها تغيرات في الحواس كالتذوق والشم بالإضافة إلى ارتفاع الحموضة بالمعدة والإرهاق وغيرها من العوامل - كما أن جسم المرأة في الحمل لأول مرة يكون أقل استعداداً لزيادة الهرمون والتغيرات الأخرى عن جسم المرأة التي سبق لها الحمل - ومن الناحية النفسية والعصبية فالحوامل للمرة الأولى أكثر عرضة للقلق والخوف الذي يسبب اضطرابات قد تصل من فرط حساسية المرأة إلى الشعور بتغيرات في حاستي السمع والنظر - بعكس اللواتي سبق لهن الحمل.
وحتى في الحمل لأول مرة قد تظهر بعض هذه الأعراض أو كلها وبمستويات تختلف من مرأة لأخرى - ولكنه في أغلب الحالات يكون عند مستوى خفيف بالإمكان السيطرة عليه بالأدوية العادية المعروفة .. مع العلم أنه من الطبيعي أن تظل بعض أعراض الوحم عند المستوى الخفيف حتى بعد تناول الأدوية - فالأدوية مهمتها أن تخفف الأعراض لكنها لن تزيلها كلها - وكما ذكرنا في السطور السابقة بشأن الدراسات التي أثبتت أن الوحم له جانب إيجابي إن كان عند المستوى الخفيف - فحسب هذه الدراسات الوحم يعمل كآلية دفاعية للحامل والجنين في المرحلة الأولى من الحمل وهي مرحلة هامة - مرحلة تكون أعضاء الجنين - وليس كسب الوزن.
خرافات الوحم الشائعة
العلاقة بين الوحم و الوحمات التي تظهر على جسم الطفل المولود :
كثير من الناس كان ولازال يعتقد حتى الآن في مجتمعاتنا المتدنية مع الأسف في المستوى الثقافي - أن عدم إشباع وحام الحامل يعني حتمية ظهور وحمات على جسم المولود - أو بمعنى أخر أن عدم تلبية رغبة اشتهاء الحامل لطعام ما يعني بالضرورة تشوه المولود بشكل أو بأخر بعلامات تظهر على الجسم أو الوجه .. وهذه العلامات يطلق عليها " وحمة Birthmark" .. مثل وحمة الفراولة أو توت الأرض أو وحمة التفاح - وحمة بني - وحمة رمادي .
وحقيقة الوحمات التي تظهر على جسم المولود إما أن تكون نتيجة نمو زائد للخلايا الصباغية في الجلد - وهي وحمات بنية أو سوداء ومع مرور الوقت يصغر حجمها فقد تصبح أغمق أو متجعدة أو مشعرة - وهي شائعة نوعاً ما ونادراً ما تختفي ... أو نتيجة مشكلة في الاوعية الدموية تحت الجلد أو في الجلد - وهذا النوع من الوحمات هو الأكثر شيوعاً وغالباً ما تظهر عند الولادة أو بعدها بفترة قليلة - وتظهر الوحمة بلون زهري أو قرمزي إذا كانت الأوعية الدموية المصابة هي الأوعية السطحية أو بلون زهري يميل أكثر إلى الزرقة إذا كانت الاوعية المصابة عميقة - كما قد تكون الوحمة الناتجة عن مشاكل الأوعية اما مسطحة أو مرتفعة قليلاً عن مستوى الجلد وقد تظهر في العنق أو الرأس أو في أي مكان بجسم المولود ولكن على الأغلب الرأس.
هناك نوع من الوحمات إما بسبب اوعية دموية أو اوردة أو مزيج أوردة وشرايين يظهر بعضها عند الولادة ويضمر ويختفي بعضها في فترة الطفل الرضيع او بعدها في فترة الطفولة - و المسمى الشهير لهذه الوحمة " وحمة اللقلق" أو "عضات اللقلق" .
هذا استعراض سريع لأشهر الوحمات التي تظهر على جسم المولود وعادة غير مؤلمة ولا تضر بالطفل ولكن يستحسن فحص الطفل من باب الحرص - وعلى أي حال فحص الطفل بعد الولادة مباشرة يتم بصورة أساسية في المستشفيات الحديثة المجهزة.
أما الحديث التفصيلي عن أنواع وأشكال الوحمات يستدعي مقالة خاصة سوف نقوم بالاعداد لها ونشرها في بيتي بيديا في أقرب فرصة.
إذن موضوع وجود علاقة بين الوحم والوحمات على جسم المولود ما هو إلا أساطير وخرافات عصور الظلام والجهل ومازلنا وبكل أسف نعيش هذه العصور حتى الآن !! .. فلا علاقة بالعلامات على جلد الطفل المولود وبين اشباع الوحام أو عدم اشباعه - ومسئلة المصادفة بين عدم اشباع الوحام وبين ظهور وحمات على بشرة الطفل المولود تعود إلى كون الوحمات شائعة الحدوث وأكثر من 80% من الأطفال حديثي الولادة لديهم وحمات.
ومن جهة أخرى - قد تشبع المرأة رغبتها في اشتهاء الأطعمة ومع ذلك قد تتفاجئ بوجود وحمات على جلد طفلها المولود !! .. ( وهنا إذا اعتقدت الأم أن اشباع الوحام لم يتم على نحو سليم أو كامل وهذا ما أدى لظهور الوحمات - فهذه الأم بلا شك تشعر بحنين إلى عصور الظلام البائدة !! ).
لمزيد من المعلومات حول علامات الحمل اقرأ : جدول علامات الحمل المبكرة والأكيدة